أ - رأي الأحناف: جاء في كتاب المبسوط لشمس الدين السرخسي، وهو عُمدة كتب الأحناف، ما يلي [ ... والخارج إلى حانوتٍ أو إلى ضيعةٍ لا يسمى مسافراً، فلا بد من إثبات التقدير لتحقيق اسم المسافر، وربما قدَّرنا بثلاثة أيامٍ لحديثين، أحدهما قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تسافر المرأةُ فوق ثلاثةِ أيامٍ ولياليها إلا ومعها زوجها، أو ذو رحمٍ محرمٍ منها» معناه ثلاثةَ أيام، وكلمة فوق صلةٌ في قوله تعالى فاضربوا فوق الأعناق، وهي لا تمنع من الخروج لغيره بدون محرمٍ. وقال - صلى الله عليه وسلم - «يمسح المقيم يوماً وليلة والمسافر ثلاثة أيامٍ ولياليها» فهو تنصيص على أن مدة السفر لا تنقص عما يمكن استيفاء هذه الرخصة فيها، والمعنى فيه أن التخفيف بسبب الرخصة لما فيه من الحرج والمشقة، ومعنى الحرج والمشقة أن يحتاج إلى أن يحمل رَحلَهُ من غير أهله ويحطه في غير أهله، وذلك لا يتحقق فيما دون الثلاثة ... ] إلى أن قال [ولا معنى للتقدير بالفراسخ، فإن ذلك يختلف باختلاف الطرق في السهول والجبال والبر والبحر، وإنما التقدير بالأيام والمراحل، وذلك معلوم عند الناس فيرجع إليهم عند الاشتباه، فإذا قصد مسيرة ثلاثة أيام قصر الصلاة] وقد شاركهم الرأي هذا سعيد بن جُبَير وسفيان الثوري، ونُسب إلى عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم. فالمسافر في رأي الأحناف لا يجوز له أن يقصر الصلاة في أقل من مسيرة ثلاثة أيام، ولا عبرة عندهم بتقدير المسافة بالأميال والفراسخ، وإنما التقدير بالأيام والمراحل.
ب - رأي المالكية: جاء في كتاب المدونة الكبرى للإمام مالك ما يلي:
[قال ابن القاسم: كان مالك يقول قبل اليوم: يقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة، ثم ترك ذلك، وقال مالك: لا يقصر الصلاة إلا في مسيرة ثمانية وأربعين ميلاً كما قال ابن عباس في أربعة بُرُدٍ] .