أما ما يقوله بعضهم من الإتيان في الحالة الثانية بركعة يشفع بها وتره، ثم يتنفل شفعاً شفعاً، ثم يختم صلاته بالوتر فرأي مرجوح، لأنه في هذه الحالة يكون قد صلى وترين في ليلة واحدة، إضافةً إلى أن إضافةَ ركعةٍ جديدةٍ إلى ركعة سابقة بينهما تسليم وفاصل زمني كبير ليس له دليل من شرع الله يُعتد به، فلا ينبغي القول به. فعن طلق بن علي رضي الله عنه قال: سمعت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «لا وتران في ليلة» رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي والترمذي وابن حِبَّان. وأما ما رواه نافع عن ابن عمر رضي الله عنه «أنه كان إذا سُئِل عن الوتر قال: أما أنا فلو أوترت قبل أن أنام، ثم أردت أن أصلي بالليل شفعتُ بواحدة ما مضى من وتري، ثم صليت مثنى مثنى، فإذا قضيت صلاتي أوترت بواحدة، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يجعل آخر صلاة الليل الوتر» رواه أحمد. فهو اجتهاد من ابن عمر في أمره عليه الصلاة والسلام أن يجعل آخر صلاة الليل الوتر، وفعل الصحابي أو اجتهاده ليس دليلاً شرعياً وإن كان حكماً شرعياً يجوز تقليده واتِّباعه. وقد خطَّأ ابن عباس ابن عمر رضي الله عنهما في اجتهاده هذا، فقد روى عبد الرزاق عن سالم «عن ابن عمر أنه كان إذا نام على وتر، ثم قام يصلي من الليل صلى ركعة إلى وتره فيشفع له، ثم أوتر بعدُ في آخر صلاته، قال الزهري: فبلغ ذلك ابن عباس فلم يعجبه فقال: إنَّ ابن عمر ليوتر في الليلة ثلاث مرات» . يقصد وتره قبل أن ينام، ثم وتره الثاني الذي يشفع به وتره الأول، ثم وتره الثالث الأخير عقب الفراغ من صلاة الليل، ولا شك في أنه رضي الله عنه قد أخطأ في اجتهاده هذا. وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قد خطَّأت هي الأخرى هذا الرأي، فقد روى عبد الرزاق «عن أبي عطية عن عائشة قال: ذُكر لها الرجل يوتر ثم يستيقظ فيشفع بركعة، قالت: ذلك يلعب بوتره» .