للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القنوت في الصلوات الخمس المكتوبة فإنه مشروع في النوازل والكوارث فحسب، فإن وقعت النوازل والكوارث فالقنوت مشروع في جميع الصلوات الخمس، ولا يُشرَع اتخاذُ صلاةٍ بعينها للقنوت، بمعنى ألا تختص بالقنوت صلاةٌ دون صلاة. أما إن عدمت النوازل والكوارث فلا قنوت في الصلوات الخمس، ولا قنوت آنئذٍ إلا في الوتر فحسب، فعن أبي مالك الأشجعي قال «قلت لأبي: يا أبتِ إنك قد صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة قريباً من خمس سنين أكانوا يقنتون؟ قال: أَيْ بُنيَّ مُحْدَث» رواه أحمد والنَّسائي وابن ماجة والترمذي وابن أبي شيبة. ورواه ابن حِبَّان ولفظه «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال: يا بُني إنها بدعة» . ولا أعني بالنوازل والكوارث ما كان منها عاماً فقط كالحروب والزلازل والبراكين والطوفان، وإنما أعني أيضاً ما يصيب المرء من نكباتٍ ومصائب، فقد يُسجَن الشخص، أو يطلبه سلطان متسلِّط، أو يضل السبيل في سفره، أو يمرض مرضاً شديداً، ففي هذه النوازل الفردية أيضاً يقنت المصلِّي في أية صلاة مكتوبة، والدليل على القنوت في النوازل ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال «قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دُبُر كل صلاة، إذا قال سمع الله لمن حمده في الركعة الأخيرة، يدعو على حيٍّ من بني سُلَيم على رِعْلٍ وذَكْوانَ وعُصَيَّة، ويُؤَمِّن مَنْ خلفَه، قال: أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم» . قال عكرمة: هذا مفتاح القنوت. رواه ابن خُزَيمة وأحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>