للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم - ذات يوم فلم يدع لهم، فذكرت ذلك له فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما تراهم قد قدموا؟» رواه ابن حِبَّان وأبو داود وابن خُزَيمة. ورواه مسلم بلفظ «عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهراً، إذا قال سمع الله لمن حَمِده يقول في قنوته.. - مثل رواية ابن حِبَّان.. قال أبو هريرة رضي الله عنه: ثم رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الدعاء بعد، قلت: أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ترك الدعاء لهم، قال فقيل: وما تراهم قد قدموا» .

فقد دلت هذه الأحاديث على أن القنوت يُشرع في النوازل بقدرها وينتهي بانتهائها ولا يستمر، وقد قال ابن حِبَّان عقب رواية الحديث الأخير (في هذا الخبر بيان واضح أن القنوت إنما يُقنت في الصلوات عند حدوث حادثة مثل ظهور أعداء الله على المسلمين، أو ظلم ظالم ظُلم المرء به أو تعدَّى عليه، أو أقوام أحب أن يدعو لهم، أو أسرى من المسلمين في أيدي المشركين وأحب الدعاء لهم بالخلاص من أيديهم، أو ما يشبه هذه الأحوال. فإذا كان بعض ما وصفنا موجوداً قنت المرء في صلاة واحدة أو الصلوات كلها أو بعضها دون بعض، بعد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من صلاته، يدعو على من شاء باسمه ويدعو لمن أحب باسمه، فإذا عدم مثل هذه الأحوال لم يقنت حينئذ في شئ من صلاته، إذ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يقنت على المشركين ويدعو للمسلمين بالنجاة، فلما أصبح يوماً من الأيام ترك القنوت، فذكر ذلك أبو هريرة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما تراهم قد قدموا، ففي هذا أبين البيان على صحة ما أصَّلْناه) . ولقد أصاب ابن حِبَّان فيما ذهب إليه فيما أرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>