هـ - إن هذا الحديث لا شك في أنه مُعارِضٌ لأحاديث صحيحة كثيرة، ومع التعارض يُترك هذا الحديث ويُعمَل بالأحاديث الصحيحة الكثيرة، وهذا القول لا بد منه إن نحن أخذنا بظاهر الحديث دون تأويل، ولكن يمكن أن نلجأ إلى التأويل رحمةً بمن صح عندهم هذا الحديث، وحاروا في التوفيق بينه وبين الأحاديث الكثيرة الصحيحة، فنقول: إن هذا الحديث يُحْمَل على أنه يعني بالقنوت طول القيام ولا يعني الدعاء المعروف، بمعنى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقف في صلاة الفجر أطولَ من وقوفه في غير هذه الصلاة، فهذا هو المعنى المقصود لهذا الحديث، وليس أنه عليه الصلاة والسلام كان يقنت بمعنى أنه كان يدعو، وأن وقوفه الطويل كان من أجل الإطالة في ذكر الله سبحانه، فهذا التأويل يَلجأُ إليه من أعمل الدليلين ولم يطرح أحدهما، يشهد له ما رواه محمد بن سيرين قال «حدَّثني مَن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغداة، فلما رفع رأسه من الركعة الثانية قام هُنَيَّة» رواه أبو داود والدارقطني. ورواه النَّسائي بلفظ «حدثني بعض من صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح فلما قال: سمع الله لمن حمده، من الركعة الثانية قام هُنَيْهَةً» . وعلى كلا الوجهين أخذاً بظاهر الحديث أو أخذاً بالتأويل فإنه لا يُشرع القنوت الدائم في صلاة الصبح، ولا في أية صلاة مفروضة.