للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل هذا الحديث على أفضلية صلاة التراويح جماعة في المسجد، إذ في ليالي رمضان الفردية من الشطر الأخير منه، أي في الليالي التي تُلتَمَس فيها ليلة القدر، صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمسلمين جماعة، وصلاها في المسجد. فهنا نصان يُظن أنهما متعارضان: الأول يدلُّ على أفضلية صلاة التراويح في البيوت، والثاني يدلُّ على أفضليةِ أدائها جماعةً في المسجد، فنقول مستعينين بالله المُعين: إن قوله - صلى الله عليه وسلم - في النص الأول «فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة» يُؤخذ منه أن من أراد التطوع - والأصلُ في التطوع أداؤُه فردياً - فإن عليه أن يصلي في البيت، لأن الصلاة في البيت أفضل من الصلاة في المسجد، هذه هي القاعدة وهي الأصل في هذا الأمر. فمن أراد أن يصلي صلاة التراويح فإنَّ أداءه لها في البيت أفضل له من أدائه لها في المسجد، وهذا أمر غير مختلف عليه بين الفقهاء، وما دام هذا هو الأصل، فإننا نبني عليه القول إن الصلاة جماعةً في البيت هي الأفضل بلا شك، لأن الصلاة جماعةً الأصل فيها أنها أفضل من الصلاة الفردية، وهذا أمر غير مختَلَف عليه، فيكون من صلى التراويح جماعة في البيت قد جمع بين الأصلين وبين الأفضَلَين، أما من صلى فردياً في البيت فإنه يَعمل بأصل واحد فحسب، ومن صلى جماعةً في المسجد فإنه يعمل بأصل واحد فحسب أيضاً، وهنا لا بد من ترجيح أحد الأصلين على الآخر، وقد وجدنا حديث أبي ذر القائل «فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا» . فجَمْعُهُ أهلَه ونساءَه في صلاة التراويح جماعةً في المسجد ليلة السابع والعشرين - وهي على الأغلب ليلة القدر - وعدم تركه إياهم يصلون التراويح في البيت النبوي الكريم فردياً، يدل على أفضلية الصلاة جماعة في المسجد على الصلاة الفردية في البيوت، إذ لو كان العكس لما جمع أهله ونساءه في تلك الصلاة، فدل ذلك على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>