للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن تجوز زيادة صلاة التراويح إلى أن تبلغ عشرين ركعة يعقبها الوتر ركعة واحدة، أو ثلاث ركعات، رُوي ذلك عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلو كانت الركعات الثماني مُلْزِمةً لما تجاوزها صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما حصل منهم تجاوزُها دل ذلك على عدم وجوب الالتزام بالركعات الثماني، لا سيما وأنهم لم يتجاوزوها فردياً أو في بيوتهم، وإنما حصل ذلك منهم في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينكر ذلك أحدٌ منهم فكان إجماعَ صحابة، وإجماعُ الصحابة دليل شرعي، فعن السائب بن يزيد قال «كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة، قال وكانوا يقرأون بالمئين، وكانوا يتوكأون على عِصِيِّهم في عهد عثمان رضي الله عنه من شدة القيام» رواه البيهقي. قوله يقرأون بالمئين: أي يقرأون السور الطويلة التي آياتها بالمئات. الحديث ذكر صلاة التراويح فحسب وأنها عشرون ركعة، وعن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِّيُّ قال «خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرِّقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبيِّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نِعْمت البدعةُ هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله» رواه البخاري ومالك. قول عمر نِعْمَت البدعةُ هذه: تفسَّر بمقتضى اللغة، ومعناها العمل البديع الجيد، ولا تفسَّر بالمعنى المستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام «كل مُحْدَثَةٍ بدعة وكلُّ بدعة ضلالة» رواه أبو داود من طريق العرباض. وذلك لأن فعل عمر هذا لم يكن أمراً مُحْدَثاً، ولم يكن من ثمَّ بدعةً محرَّمة، لأنَّا روينا قبل قليل أنه عليه الصلاة والسلام قد صلى عدداً من ليالي رمضان في المسجد صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>