للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما. فهذه الروايات تذكر ثلث الليل الأول وليس الآخِر، فهي معارِضة للروايات الأولى وخاصة الروايةَ الصحيحة القوية التي رواها البخاري ومسلم وابن ماجة وأبو داود. وقد رجَّح جمهرة علماء الحديث رواية البخاري ومسلم وابن ماجة وأبي داود على رواية مسلم الرابعة، فالعمل برواية البخاري ومسلم وابن ماجة وأبي داود أولى، ويشهد لهذه الرواية الصحيحة القوية ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: أَحَبُّ الصلاة إلى الله صلاةُ داود عليه السلام، وأَحَبُّ الصيام إلى الله صيامُ داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سُدُسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً» رواه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة وأحمد.

فلو افترضنا أن الليل هنا اثنتا عشرة ساعة عصرية، فإن الثلث الآخِر يكون آخر أربع ساعات من الليل، ويكون الشطر ست ساعات، فلما نام داود عليه السلام نصف الليل الأول وقام ثلثه فإنه يكون قد صلى ساعتين من الساعات الأولى للثلث الآخِر من الليل ونام ساعتين منه أي نام سدس الليل، أي أنه صلى في ثلث الليل الآخر، فنال الفضيلة التامة. وهذا الحديث يشهد أيضاً للروايتين اللتين ترددتا بين شطر الليل وثلثه الأخير، فالفضيلة التامة يمكن أن تُنال بالبدء في الصلاة عند منتصف الليل، فداود عليه السلام كان ينام نصف الليل، أي ينام الساعات الست الأولى من الليل، ويقوم عند منتصف الليل، فيصلي ثُلُثاً من الليل بادئاً بمنتصف الليل، وبذلك يصلي ساعتين قبل ثلث الليل الآخر، ثم يصلي ساعتين أخريين من ثلث الليل الآخِر، وبذلك فإنه يصلي أربع ساعات، وهي تعادل ثلث الليل كما يقول الحديث «ويقوم ثلثه» . فهذا الثلث يجمع بين ساعتين قبل ثلث الليل الأخير وساعتين من ثلث الليل الأخير، فهو يجمع بين العمل بنصف الليل والعمل بثلث الليل الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>