باستعراض الأدلة التسعة نجد أن الدليل التاسع هو تفسيرٌ فقهي للدَّليل الأول وهو الآية، وعلى هذين الدليلين مدار البحث إلا قليلاً. قول الرسول عليه الصلاة والسلام «فإنكم لا تطعمونه أن تدبغوه فتنتفعوا به» إذا أضيف إلى نصِّ الآية الكريمة {قُلْ لا أَجِدُ في ما أُوحيَ إليَّ مُحَرَّماً على طاعمٍ يَطْعَمُه} نخرج منه بفهمٍ لطيف، هو أن التحريم الواقع على الميتة إنما هو على أكلها وعلى المأكول منها «وأنتم لا تطعمونه» ، «على طاعمٍ يطعمه» فالتحريم هو على أكل الميتة، والمادة المحرَّمة في الأكل منها هي ما يُؤكل منها. هذا هو فقه الحديث التاسع مقروناً بالآية الكريمة، وإذن فإنَّ كل ما يصلح للأكل من الميتة حرام أكله ونجس أيضاً، وهو الذي يحتوي على أحكام الميتة لا غير، فيخرج من الموضوع ما لا يُؤكل منها كعظمها وظِلْفها وشعرها وسنِّها. وعلى ذلك فكل ما في الميتة مما لا يؤكل لا ينطبق عليه حكم الميتة من حيث التحريم والنجاسة، بل يظل على البراءة الأصلية من الطهارة، وهذا الفهم أيضاً هو لشيخ الإسلام ابن تيمية. وأيضاً فإن أدلةً عدة على جواز استعمال ما سوى المأكول من الميتة واعتبارها طاهرة تدعم وتقوي هذا الفهم.