هذا في العاج، ويلحق به السنُّ والظِّلف والعظم. قال الزُّهري في عظام الموتى من الحيوان كالفيل (أدركتُ ناساً من سَلَف العلماء يمتشطون بها ويدَّهِنون فيها لا يرون به بأساً) ذكره البخاري. والمعلوم أن الزُّهري تابعي، وإذن فإنَّ سَلَفَ العلماء الذي أدركهم هم من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ب - إجماع الصحابة واتِّفاق العلماء سلفاً وخلفاً على طهارة الشعر والصوف والوبر. والمعلوم إنها تُجَزُّ من الأنعام وهي حية كما تُجَزُّ منها بعد ذبحها، وتعامل كلها معاملة واحدة من حيث الطهارة وجواز الاستعمال دون أي فارق. وحيث أن ما يُؤخذ من الحي ميت ونجس كما بيَّنا، وحيث أن بعض هذه الأصناف الثلاثة تؤخذ من الأنعام وهي حية ومع ذلك تعتبر طاهرة، فإن ذلك يدل على أن حكم الميتة لا ينطبق عليها، وأن الميتة هي ما يُؤكل فقط، والشَّعَر والصوف لا يُؤكلان، وينطبق عليهما ما ينطبق على العاج الذي يقطع من الفيلة ويكون طاهراً، وصدق الله العظيم إذ يقول {ومِنْ أََصْوافِها وأَوْبارِها وأَشْعَارِها أَثاثاً ومَتَاعَاً إِلى حِين} الآية ٨٠ من سورة النحل، ولم تفرِّق الآية بين صنف وصنف من حيث الجزُّ والقطعُ.
ج - قول الحديث ٣ «فقالوا إنها ميتة، فقال: إنما حَرُم أكلُها» هذا نص صريح لا يحتمل التأويل بأن التحريم إنما ينطبق على الأكل، وحيث أن الأكل لا يقع من الميتة إلا على المأكول فقد دل ذلك على صواب فهمنا.
بقي جلد الميتة: قُلت من قبل (وعلى هذين الدليلين مدار البحث إلا قليلاً) فالقليل هو هذا البحث الخاص بجلد الميتة. إن الجلد يؤكل، ولذلك يشمله تحريم الأكل والنجاسة، لأنه يدخل في مدلول الميتة، وهذا الدخول آتٍ من ناحيتين: