للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأوقات الثلاثة الأخرى فالصلاة فيها حرام، أعني عند بدء البزوغ حتى ترتفع الشمس وتبيضَّ، وعند استواء الشمس في وسط السماء، وعند اصفرار الشمس وتدلِّيها للغروب حتى تغرب، فالصلاة في هذه الأوقات حرام لا تجوز. أما لماذا هذا وذاك، فلأنَّ النصوص التي ذكرت الوقتين اقتصرت على مجرد النهي دون أية قرينة تصرف النهي إلى التحريم «لا صلاة بعد صلاة الصبح ... ولا صلاة بعد صلاة العصر» . «صلاتان لا يُصلَّى بعدهما، الصبح حتى تطلع الشمس، والعصر حتى تغرب الشمس» . «لا صلاة بعد الصبح ... ولا صلاة بعد العصر» . «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاتين بعد الفجر ... وبعد العصر ... » . فالنهي عن الصلاة في هذين الوقتين لا توجد معه قرينة تصرفه إلى الوجوب، فيظل نهياً دون قرينة وجوب، فلا تبقى إلا الكراهة، وأيضاً هناك نص في الصلاة بعد صلاة العصر، فعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يُصلَّى بعد العصر إلا أن تكون الشمس بيضاء مرتفعة» رواه ابن خُزَيمة والنَّسائي. ورواه البيهقي ولفظه «لا تصلُّوا بعد العصر إلا أن تصلُّوا والشمس نقية» . وفي رواية ثانية لابن خُزَيمة وأبي داود وأحمد بلفظ «لا تصلُّوا بعد العصر إلا أن تصلُّوا والشمس مرتفعة» . فهي قرينة صالحة لصرف النهي عن الوجوب، ومما يشهد لهذا الفهم ما رواه ربيعة بن دراج «أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سبح بعد العصر ركعتين في طريق مكة، فرآه عمر فتغيَّظ عليه، ثم قال: أَمَا والله لقد علمتَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنهما» رواه أحمد والطحاوي. فقد دل هذا الحديث على اجتهاد علي رضي الله عنه بعدم حرمة الصلاة بعد العصر، لا سيما وأنه فَعَل ذلك عالماً بالنهي، ولو فهم علي من النهي التحريم لما فعل ما فعل. هذا بالنسبة للصلاة عقب صلاة العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>