وقد بحث الصنعاني في كتابه سبل السلام هذه المسألة بحثاً جيداً، أنقل لكم قوله كله فيه (بعض من قال بإيجاب التسبيع قال: لا تجب غُسلة التراب لعدم ثبوتها عنده، وَرُدَّ بأنها قد ثبتت في الرواية الصحيحة بلا ريب، والزيادة من الثقة مقبولة، وأورد على رواية التراب بأنها قد اضطربت فيها الرواية، فرُوي أولاهن أو أخراهن أو إحداهن أو السابعة أو الثامنة، والاضطراب قادح فيجب الاطِّراح لها، وأجيب عنه بأنه لا يكون الاضطراب قادحاً إلا مع استواء الروايات وليس ذلك هنا كذلك، فإن رواية أُولاهن أرجح لكثرة رواتها، وبإخراج الشيخين لها، وذلك من وجوه الترجيح عند التعارض، وألفاظ الروايات التي عورضت بها أولاهن لا تقاومها، وبيان ذلك أن رواية أُخراهن منفردة لا توجد في شيء من كتب الحديث مسندة، ورواية السابعة بالتراب اختُلف فيها فلا تقاوم رواية أولاهن بالتراب، ورواية إحداهن رواها الراوي على الشك، فهي إذن ضعيفة لا تصلح للاحتجاج، ثم إن هذه الرواية مطلقة فيجب حملها على المقيدة، ورواية أولاهن أو أخراهن بالتخيير، إن كان ذلك من الراوي فهو شك منه فيرجع إلى الترجيح، ورواية أُولاهن أرجح، وإن كان من كلامه - صلى الله عليه وسلم - فهو تخيير منه - صلى الله عليه وسلم -، ويرجع إلى ترجيح أولاهن لثبوتها فقط عند الشيخين كما عرفت) وأضاف في موضع آخر (وقد ثبت عند مسلم - وعفِّروه الثامنة بالتراب - قال ابن دقيق العيد: إنه قال بها الحسن البصري، ولم يقل بها غيره ولعل المراد بذلك من المتقدمين) فالصنعاني يأخذ بأرجح الروايات عنده وهي رواية رقم (٢) المتقدمة، ورأيه صحيح، وهو يطابق رأي الشافعي.