للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب على أصحاب الرأي الأول هو أن حديث دم الحيض ليس دليلاً على الحصر، وأن وجوب امتثال أمره - صلى الله عليه وسلم - بإِهراق الماء على بول الأعرابي في المسجد لا يفيد حصراً أيضاً، ولا يدل على أن الماء وحده تجب به إزالة كل نجاسة، لأن حادث بول الأعرابي هو واقعة حال وليس قاعدة كلِّيَّة للتطهير، وقد بيَّنا سابقاً أن إزالة النجاسة لا تشترط فيها النِّية، وما دام أن المطلوب شرعاً هو إزالة النجاسة وهي ما يطلق عليها التطهير أو الطهارة، فإن الإزالة تحصل بكل مزيل لها حسب اختلاف الأحوال كما أسلفنا أيضاً، فقول حديث دم الحيض «تحتُّه ثم تَقْرُصُه بالماء» ليس فيه أداة من أدوات الحصر وليست صياغته مفيدة للحصر، وقد ذَكر الماء وذِكْرُه خرج على الأعمِّ الأغلب، ذلك أن الماء هو الغالب في التطهير وهذا مُسَلَّم به، وما قلته عن حديث دم الحيض أقوله عن حديث بول الأعرابي، ففيه «أَمَر بذَنوبٍ من ماء» فهذا النص ليست فيه دلالة على حصر التطهير بالماء، وبذلك لا يصلح الحديثان للاحتجاج بهما على حصر التطهير بالماء مطلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>