أما أن السواك مندوب وليس فرضاً، فلأن الحديث الأول يقول «مرضاة للرب» ولا تكون مرضاة الله سبحانه إلا بالقيام بواجب أو بمندوب، فجاء قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الثاني «لولا أن أشقَّ على أمتي» قرينة تصرف الأمر إلى الندب، وعلى ذلك يُحمل الحديث السابع على إفادة الندب، والحديث الخامس يدل على أن التسوك لا يجب له عود الأراك ولا حتى فرشاة بل يكفي فيه إمرار الأصابع على الأسنان «فأدخل بعض أصابعه في فيه» وروى أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «تُجْزِيء من السواك الأصابع» رواه البيهقي من عدة طرق. ورواه ابن عدي والدارقطني. وقال فيه ابن حجر (لا أرى بسنده بأساً) فإذا كانت الأصابع تكفي لنيل الثواب، فإن ما هو أفضل منها في التنظيف كالفرشاة أو وضع معاجين خاصة على الأصابع لدلك الأسنان بها هو أولى وأحق، لأن النظافة هي المطلوبة وهي بالعود أو بفرشاة الأسنان تتحقق بشكل أفضل. ولسنا نريد أن نذكر فوائد المسواك الطِّبِّيَّة التي توصل إليها الطب الحديث، فهذا ليس عملنا، ويمكن تصنيفه في باب دلائل النبوَّة.
والسواك مسنون في الليل والنهار، وفي الإفطار والصوم على السواء، وإن ما ذهب إليه الشافعي والحنابلة وإسحق وأبو ثور ونُسب إلى عطاء ومجاهد، من كراهية السواك بعد الزوال للصائم مستدلين عليه بحديث رواه أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال « ... والذي نفسي بيده لَخُلوفُ فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك ... » رواه البخاري ومسلم. هو رأي غير صحيح خالف الشافعيَّ فيه حتى أتباعه، أذكر منهم أبا شامة والعِزَّ بن عبد السلام والنووي والمُزَني وابن حجر.