للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما حكم التقصير وقصِّ للشارب فهو الندب، وهو سُنَّة مؤكدة، لا أعلم فقيهاً خالف هذا. أما ما جاء في الأحاديث من ألفاظ مثل «ولا تَشَبَّهوا باليهود والنصارى» و «خالفوا المشركين» و «خالفوا المجوس» و «مَن لم يأخذ من شاربه فليس منا» فهي لا تدل على الوجوب، وهي لا تخرج عن كونها تفيد تشديداً في طلب هذا المندوب ليس غير، فهذه مثلها مثل ما جاء في الحديث المروي عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي. فهذا الحديث طلب مخالفة اليهود والنصارى في صبغ الشعر الأشيب، ولم يقل فقيه إن صبغ الشيب فرض، ولا نُقل القول بالوجوب عن أحد من الصحابة. ومثل ما جاء في الحديث المروي عن شدَّاد بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خالفوا اليهود فإنهم لا يُصلُّون في نعالهم ولا خِفافهم» رواه أبو داود. ولم يقل فقيه إن الصلاة في النعال والخفاف واجبة. وقد روى أحمد حديثاً - قال عنه الهيثمي: رجاله رجال الصحيح خلا القاسم وهو ثقة - يجمع ما سبق ويزيد عليه أنقله بتمامه، عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشيخة من الأنصار بيض لِحاهم فقال: يا معشر الأنصار حمِّروا وصفِّروا وخالفوا أهل الكتاب، قال: فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأْتزرون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تسرولوا واتَّزِروا، وخالفوا أهل الكتاب، قال، فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتخفَّفون ولا ينتعلون، قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فتخفَّفوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب، قال فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصُّون عثانينهم ويُوفِّرون سِبالَهم، قال فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قُصُّوا سِبالَكم ووفِّروا عثانينَكم، وخالفوا أهل الكتاب» . ولا يجهل أحد أن صبغ الشعر بالأحمر

<<  <  ج: ص:  >  >>