ب ـ نأتي الآن لمناقشة الأدلة الأربعة التي يقول عنها (إن كل دليل من هذه الأدلة الأربعة كاف لإثبات وجوب إعفاء اللحية) إن الآية التي استشهد بها الشيخ الألباني على أنها دليل صالح على تحريم حلق اللحية وردت في سورة النساء، وحتى نتبين إن كانت هذه الآية تدل على دعواه أو لا، لا بد من وضعها في موضعها من السورة، ثم نستدل بها على ما تدل عليه {إن اللهَ لا يَغفرُ أن يُشْرَكَ به ويَغفرُ ما دون ذلك لِمَنْ يَشاء ومَنْ يُشْرِكْ باللهِ فقد ضلَّ ضلالاً بعيداً. إنْ يَدْعونَ مِن دونِهِ إلا إناثاً وإنْ يَدْعُونَ إلا شيطاناً مَريداً. لعَنَهُ الله وقال لأتَّخِذَنَّ مِن عِبَادِك نَصِيباً مَفْرُوضاً. ولأُضِلَّنَّهم ولأُمنِّينَّهم ولآمُرَنَّهم فلَيُبتِّكُنَّ آذانَ الأَنعامِ ولآمُرنَّهم فلَيُغيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ومَن يتَّخذ الشيطانَ ولياً مِن دون اللهِ فقد خسرَ خُسراناً مُبيناً. يعِدُهم ويُمنِّيهم وما يعِدُهُمُ الشَّيطان إلا غُرُوراً. أولئكَ مَأْواهُمْ جهَنَّمُ ولا يجدونَ عنها مَحِيْصاً} بالتدقيق في هذه الآيات يظهر أنها وردت في موضوع العقيدة وليس في موضوع الأحكام الشرعية، انظر في أيَّة آية منها تجد ذلك واضحاً، فالآية الأولى هي في موضوع الشِّرك وهو من العقيدة، والآية الثانية هي في موضوع الأصنام والشيطان وهو من العقيدة، والآية الثالثة هي في موضوع إخراج قسمٍ من المؤمنين إلى جماعة الكفار وهو من العقيدة، والآية الرابعة هي في موضوع تبتيك آذان الأنعام للتقرب إلى الأصنام وهو من العقيدة، والآية الخامسة هي في موضوع أماني الشيطان وغروره وهو من العقيدة، والآية السادسة هي في موضوع العقيدة لأنها تحدثت عن دخول جهنَّم والاستقرار فيها، فالآيات كلها سِيقت في موضوع واحد هو العقيدة، وليس منها آية واحدة في موضوع الأحكام الشرعية الفرعية.