وابن جرير وابن المنذر. وقال الضحَّاك (قال المشركون: إن الملائكة بنات الله، وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زُلفى) ذكره ابن أبي حاتم. ونقل ابن جرير الطبري عن قتادة قوله في تفسير {فليُبتِّكُنَّ آذانَ الأَنعامِ}(التبتيك في البَحِيرة والسَّائبة يُبتِّكون آذانها لطواغيتهم) وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس في قوله تعالى {ولآمُرنَّهم فلَيُغيِّرنَّ خَلْق الله} قال (دين الله) وروي مثل ذلك عن الضحَّاك وسعيد بن جبير. هذا هو معنى التغيير، وهذا هو الموضوع الذي جاءت فيه الآية، ولذا فان تفسيرها بغير هذا خطأ، فقولهم إنها تعني الخصاء أو الوشم أو غير ذلك مثل حلق اللحية هو خروج على موضوع الآية وسياقها وإطارها.
نخلص من ذلك إلى أن هذه الآية لا تصلح مطلقاً للاستدلال بها على تحريم اللحية، فالآية في موضوع، وحلق اللحية في موضوع آخر، وما دام حلق اللحية أو إعفاؤها من غير العقائد فإن الاستدلال بها هنا استدلال غير صحيح.
ج- قوله:(ومن المعلوم أن الأمر يفيد الوجوب إلاّ لقرينة) غير مُسلَّم به وفيه لَبس، فالقارئ العادي حين يقرأ هذا القول (ومن المعلوم) يظن أنها قاعدة مُجمَعٌ عليها لدى عامة الفقهاء والأصوليين، لأنه جعلها قاعدة معلومة علماً مطلقاً دون تقييد، في حين أنه من المعلوم أن هذه القاعدة لا يقول بها جميع الفقهاء والأصوليين، ولذلك كان الأَوْلى أن يُقال (ومن المعلوم عندنا) أو (ومن المعلوم أن عدداً من الفقهاء يقولون) أو (الأمر يفيد الوجوب عند فلان وفلان) أو ما يشبه ذلك حتى لا يقع القارئ في لبس.