للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما رُوي عن أبي موسى «أنه أُغمي عليه فبكت أم ولد له، فلما أفاق قال لها: أمَا بلغك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسألناها فقالت، قال: ليس منا من سلق وحلق وخرق» رواه النَّسائي وأحمد ومسلم وأبو داود. فهذا ليس نهياً عن مطلق الحلق بل هو مقيَّد بحالة مصيبة الموت، أي يحرم الحلق حداداً في حالة مصيبة الموت، كما يحرم الصراخ وتمزيق الثياب حداداً وحزناً، ولا يفيد الحديث مطلق النهي عن الحلق. ففي الحديث التاسع أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخَّر حلق رؤوس أبناء جعفر إلى ما بعد ثلاثة أيام من الوفاة، أي هو انتظر حتى انصرمت مدة الحداد. قال ابن عبد البر: قد أجمع العلماء على إباحة الحلق. والحديثان الثالث والرابع يفيدان استحباب غسل الشعر وتنظيفه وترجيله وعدم تركه وسخاً مهملاً. ويفيد الحديثان الخامس والسادس أن يكون الترجيل والتنظيف دون مبالغة ودون اهتمام زائد، والاكتفاء بالاعتدال، وهذا لا يتنافى مع طلب ترجيل الشعر يومياً إن كانت الحاجة تدعو لذلك كحال من له جُمَّة ضخمة كما جاء في الحديث السابع.

فالغاية من ذلك طلب الاهتمام بالشعر والعناية به حيناً بعد حين دون مبالغة كما يفعله الشبان في هذه الأيام من حمل الأمشاط في جيوبهم لتسريح شعورهم كل ساعة وكلما هبَّت نسمةُ هواء، أو عقب كل حركة تُخلُّ بترتيب شعورهم المصفوفة بعناية، فإن هذا وأمثاله يدخل تحت النهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>