للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصرح من هاتين الروايتين ما رواها النَّسائي عن معاوية بلفظ « ... إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: أيما امرأةٍ زادت في رأسها شعراً ليس منه فإنه زور تزيد فيه» فهذه الأحاديث تنهى عن وصل الشعر بالشعر وتسمِّيه الزُّور. واستأنسوا بما رُوي عن سعيد بن جبير قوله (لا بأس بالقرامل) ذكره أبو داود. والقرامل: خيوط من حرير أو صوف أو كتان يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها. وقال آخرون: إن الحرام هو وصل الشعر بشعر الآدمي دون غيره من شعور الحيوانات الطاهرة، وذلك أن أجزاء الآدمي حقُّها الإكرام وعدم الامتهان بالاستعمال. وقال غيرهم: إن الوصل جائز إن كان لضرورة أو كان بإذنٍ وموافقةٍ من الزوج.

والمدقق في هذه النصوص وهذه الأقوال يخرج بالرأي القائل بتحريم وصل الشعر بالشعر فحسب دون غيره من الأشياء، بمعنى أن الوصل بالشعر هو فقط المُحرَّم وأمَّا الوصل بالخِرَق والقرامل وما إلى ذلك فإن حكمه الإباحة. ذلك أن النصوص قد بيَّنت العلة من النهي، والعلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً، فإذا وجدت العلة وجد الحكم وإذا عدمت عدم الحكم، وهذه العلة هي منع التزوير، أي التدليس والكذب، وهذه العلة لا توجد إلا في وصل الشعر بالشعر الذي يماثله، أو بأية مادة صناعية تشبه الشعر كما هو حاصل هذه الأيام، فإذا وصلت المرأة شعرها بشعر آدمي، أو وصلته بشعر صناعي مشابه للشعر الآدمي، أو بشعر حيواني مشابه للشعر الآدمي فإن ذلك حرام، وهو تزوير وتدليس يدخل تحت النهي والتحريم. أما إن كان الموصول به مادة غير ذلك بحيث لا تخفى على الناظر أنها ليست شعراً للمرأة الواصلة، فلا يعدو كونه مجرد زينة مباحة لا نصَّ يُحرِّمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>