للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما قول بعض الفقهاء إن الوصل إذا كان لضرورة كمرضٍ مثلاً فلا بأس به، فهو مردود بحديث أسماء قالت «سألت امرأةٌ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فامَّرَقَ شعرُها وإني زوَّجتها أَفأَصِلُ فيه؟ فقال: لعن الله الواصلة والموصولة» رواه البخاري. ورواه بلفظ ثان « ... أفأصل رأسها؟ فسبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة» فهنا روايتان إحداهما تضمنت اللعن، والأخرى تضمنت السَّبَّ، وهما أبلغ ما يكون في النهي. ثم إن الضرورة هي أن يكون الوصل يعالج مرضاً لا أن يعالج حالة نتجت عن مرض، والفرق بينهما واسع. ثم من أين جاءت إباحة هذا الحرام لضرورة هنا؟. إن هذا القول لا شك يتصادم مع الحديث الشريف ويبطله، وهو قول لا يحل لأحد أن يقوله.

بقي قول من قال إن وصل الشعر جائز إن كان بعلم الزوج وبإذنه، فهذا القول مردود بعموم الأحاديث التي تنهى عن الوصل دون تخصيص أو تقييد برضا الزوج وبعلمه، ومردود بما وقع في رواية عند مسلم « ... إني زوجت ابنتي، فتمرَّق شعر رأسها وزوجُها يستحسنها، أفأصل يا رسول الله؟ فنهاها» قال ابن حجر في فتح الباري (وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي) وأضاف (وفصل بعضهم بين ما إذا كان ما وصل به الشعر من غير الشَّعر مستوراً بعد عقده مع الشَّعر بحيث يظن أنه من الشَّعر، وبين ما إذا كان ظاهراً فمنع الأولَ قومٌ فقط لما فيه من التدليس وهو قوي، ومنهم من أجاز الوصل مطلقاً سواء كان بشَعر أو بغير شَعر إذا كان بعلم الزوج وبإذنه، وأحاديث الباب حُجة عليه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>