للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن هناك فارقاً بين طيب الرجال وطيب النساء ذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابع، وهو أن طيب الرِّجال له رائحة وليس له لون، كالمسك والعنبر والعود والعطور والبخُّور التي لا لون لها، وأن طيب النساء ما له لون وليست له رائحة، كالزَّعفران والخَلوق وأشباههما، يدل على هذا الحديثان التاسع والعاشر، اللهم إلا أن تستعمل النساء ما له رائحة في بيوتهن وأمام محارمهن والنساء فحسب فإن ذلك جائز، لأن هؤلاء يحل لهم الاطِّلاع على زينة المرأة، فإن فعلت فلا يحل لها الظهور به أمام الرجال الأجانب ولا الخروج به، وإلا وقعت تحت تحذير الحديث الحادي عشر الذي يفيد التَّشديد في التَّحريم، والحديث الذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أيُّما امرأةٍ أصابت بخُّوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنَّسائي.

وفي المقابل فإنه يجوز للرجال التَّطيُّب بما له لون إن عدم ما له رائحة دون لون، ودليل ذلك الحديث الثامن. ولكن ينبغي أن يكون ذلك في أضيق الحدود، كما لو استعمله في أيام عرسه، بدليل ما رُوي عن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه رَدْعُ زعفران، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَهْيَم؟ فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، قال: ما أصدقتَها؟ قال: وزن نواةٍ من ذهب، قال: أولِم ولو بشاة» رواه أبوداود. ورواه أحمد ولفظه «لقي عبد الرحمن بن عوف وبه وَضَرٌ من خَلوق ... » والرَّدع هو أثر الطيب. وكلمة مهيم كلمة استفهام معناها ما شأنك؟ والوضَر هوالأثر. فهذا الحديث يذكر مرة الزعفران، وهو نبات يُصبغ به فيعطي صفرة، ومرة الخَلوق، وهو يعطي حمرة وصفرة. والزعفران والخَلوق من طيب النساء إلا أن عبد الرحمن قد استعملهما في أيام عرسه، فلم ينكر عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>