ولا يقال هنا إن الحديثين الأوَّلين قول، وإن الحديثين التاليين فعل، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام مُقدَّم على فعله، وإذا تعارضا حُمل الفعل على خصوصية الرسول عليه الصلاة والسلام ووجب العمل بالقول، لا يُقال ذلك هنا، لأن عندنا حديثاً ثالثاً يصرف فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الخصوصية، هو ما رواه ابن عباس رضي الله عنه قال «اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنَةٍ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ منها - أو يغتسل - فقالت له: يا رسول الله إني كنت جُنُباً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الماء لا يُجْنِب» رواه أبو داود وأحمد. ورواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. فهذا الحديث ينفي الخصوصية، بتعليله الجواز بأن الماء لا يُجْنِب، وهذا التعليل يدل على عدم اختصاص ذلك بالرسول عليه الصلاة والسلام، لأن قوله «إن الماء لا يُجْنِب» عامٌّ في كل فضل وضوء أو فضل غسل، ثم هو قول وليس فعلاً.