للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه هي العلامات الحسية الدالة على انتقال الصبيان إلى مرحلة البلوغ والتكليف، وهي علامات اتفق عليها الأئمة الأربعة باستثناء الإنبات الذي رفضه أبو حنيفة كدليلٍ على البلوغ، وحديث عطية السابق يرد عليه، كما يرد عليه ما كان عليه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العمل به، فقد روى أبو عُبيد في كتابه [الأموال] عن أسلم مولى عمر أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد «أن يضربوا الجزية، ولا يضربوها على النساء والصبيان، ولا يضربوها إلا على من جرت عليه الموسى» .

أمّا من حيث السن الدالة على البلوغ، فالذي عليه الجمهور أن من بلغ خمس عشرة سنة ذكراً كان أو أنثى فقد بلغ، وخالفهم أبو حنيفة فأوجب مرور ثماني عشرة سنة على الذكر وسبع عشرة سنة على الأنثى للحكم ببلوغهما، والصحيح هو رأي الجمهور، والدليل عليه ما رُوي عن ابن عمر أنه قال «عرضني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يُجِزني، وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني» رواه مسلم والبخاري وأبو داود أحمد. وفي لفظ أصرح «عُرضتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يُجِزْني ولم يرني بلغتُ، ثم عُرضت عليه وأنا ابنُ خمسَ عشرةَ سنةً فأجازني» رواه ابن حِبَّان والبيهقي. ورواه الترمذي وأضاف (قال نافع: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال: هذا حدُّ ما بين الصغير والكبير ثم كتب أن يُفرض لمن بلغ الخمسَ عشرة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>