الحديث الأول رواه حريز عن عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، وعن عبد الرحمن هذا قال ابن المُدَيني: مجهولٌ لم يرو عنه غير حريز. فالحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج فيُرد. والحديث الثاني رواه خمسة من رجال الحديث، ولكن جميع هذه الروايات عند الخمسة مدارها على عبد الله بن محمد بن عقيل، قال عنه الشوكاني (فيه مقال) وقال العباس بن يزيد: هذه المرأة التي حدَّثت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بدأ بالوجه قبل المضمضة والاستنشاق وقد حدَّث به أهل بدر منهم عثمان وعليٌّ أنه بدأ بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه والناس عليه. ولا يبعد أن يكون ذلك من قبل عبد الله بن محمد ابن عقيل وليس من قبل المرأة، فقد قال ابن حِبَّان عنه (رديء الحفظ يجيء بالحديث على غير سُننه فوجبت مجانبةُ أخباره) . وقال أبو زُرعة: يختلف عنه في الأسانيد. وقال البخاري (هو مقارب الحديث) . وقال ابن خُزَيمة (لا يُحتجُّ به) . فحديث ابن عقيل ربما صلح للاحتجاج ولكن على أن لا يخالف ما عليه الثقات وهنا قد خالفهم، فوجب طرح هذا الحديث. والحديث الثالث في إسناده محمد بن اسحق وهو ضعيف إذا عنعن، وهنا قد عنعن، فيكون الحديث ضعيفاً، ثم هو معارِضٌ لما رواه عثمان نفسه بالإسناد الصحيح، وعثمان هناك ذكر أنه وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهنا يذكر أنه أيضاً وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحيث أن الراوي واحد والاختلاف موجود بين الروايتين، فيجب أخذ الرواية الصحيحة وردُّ الرواية الضعيفة المخالفة. فهذه الأحاديث الثلاثة إما ضعيفة وإما أنها غير صحيحة، وكلها تعارض الأحاديث الصحيحة فلا تنتهض لمعارضتها والوقوف أمامها.