للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: إن إسلام بُسرة متأخر وإسلام طَلْقٍ متقدِّم. قال ابن حِبَّان الذي روى الحديث (خبر طلق بن علي الذي ذكرناه خبر منسوخ، لأن طلق بن علي كان قدومه على النبي - صلى الله عليه وسلم - أول سنة من سِنِي الهجرة، حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة) . في حين أن بسرة أسلمت بعد ذلك بكثير كما هو معلوم عند أئمة الحديث، وحديث أبي هريرة الثاني يعضد حديث بُسرة لأن أبا هريرة هو الآخر متأخر الإسلام كبُسرة. قال ابن حِبَّان (أبو هريرة أسلم سنة سبعٍ من الهجرة، والمتأخر أقوى وأوجب في الأخذ والعمل من المتقدم، والذي يزيد حديث بُسرة قوة أنها حدَّثت بالحديث في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون) .

والثالثة: إن حديث طلق ضعَّفه عدد كبير من الأئمة المعتبرين. قال الشافعي: قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه. وقال أبو حاتم وأبو زُرعة: قيس بن طلق ممن لا تقوم به حجة. والمعلوم أن حديث طلق بن علي هو من رواية ابنه قيس بن طلق، في حين أن الأئمة الذين ضعَّفوا حديث بسرة إنما ضعَّفوه من طريق عروة عن مروان عن بُسرة، ومروان مطعون في عدالته، ولكن ابن خُزَيمة وغيره جزموا بأن عُروة سمعه من بُسرة مباشرة، ففي صحيح ابن حِبَّان وسنن الدارقطني «قال عروة فسألت بُسرة فصدَّقته» . وبمثل هذا أجاب ابن خُزَيمة والحاكم، فيسقط تضعيفهم هذا.

ثم هم قد ضعَّفوه بقولهم إن هشاماً لم يسمع من أبيه عروة، قاله النَّسائي والطَّحاوي، ونحن ندفع هذا التضعيف بأن هشاماً قد رواه مرة عن أبيه عروة، ومرة عن أبي بكر بن محمد، وقد صرَّح أحمد في روايةٍ بأن أباه حدثه، وصرَّح الترمذي في رواية بأن أباه أخبره، وبذلك يكون هشام قد رواه مرة عن أبيه مباشرة، ومرة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو، فحدَّث بهذا وحدَّث بهذا، وهذا لا يضعِّف الحديث. فالحديث غير ضعيف بل هو صحيح، في حين أن حديث طلق مشكوك في صحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>