ومن زاوية أخرى فإنه إذا وقع أي حيوان سوى الكلب والخنزير في الماء وخرج حياً ظل الماء على أصله من الطهارة، سواء أكان فأراً أم قطاً أم طيراً، لأن جميع الحيوانات الحية طاهرة باستثناء الكلب والخنزير. أما إن وقع فيه الحيوان فمات نُظر، فإن كان من الذباب أو العقارب أو الخنافس أو الصراصير- ومثلها جميع الحيوانات البحرية كالسمك والسرطانات - ظل الماء طاهراً قليلاً كان أو كثيراً، أما إن كان مما سوى هذه الأصناف التي يطلق عليها وصف [ما ليست لها نفسٌ سائلة] ومثلُها الحيوانات البحرية، إن هي وقعت في الماء فماتت، تنجس الماء وفقد طهارته. وإذا شربت من الماء القليل الحيواناتُ كلها سوى الكلب والخنزير، ظل الماء طَاهراً لا فرق بين الهرة والحمار والضبع وغيرها وسيأتي دليل ذلك في بحث [سُؤْر الحيوان] .
٣- الماء الآجِن، وهو الماء الذي يظهر عليه تغيُّرٌ نتيجة طول المكث، ومثله الماء العَكِر، كلاهما طاهر طَهور ما داما يحملان اسم الماء. قال ابن المنذر (أجمع كل من يُحفظ قوله من أهل العلم على أن الوضوء بالماء الآجن من غير نجاسة حلَّت فيه جائز غير ابن سيرين فإنه كره ذلك، وقول الجمهور أولى، فإنه يُروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ من بئرٍ كأنَّ ماءها نُقاعة الحنَّاء) وقال ابن قدامة في كتاب المغني (وحكى ابن المنذر عن الزُّهري في كِسَرٍ بُلَّت بالماء غيرت لونه أو لم تغير لونه لم يتوضأ به، والذي عليه الجمهور أولى لأنه طاهر لم يُغيِّر صفة الماء فلم يمنع كبقية الطاهرات إذا لم تغيره، وقد اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجته من جَفْنة فيه أثر العجين، رواه النَّسائي وابن ماجة والأثرم) .