الدائرة القطبية هي دائرة وهمية تحيط بالقطب الشمالي تشكّل حدّاً فاصلاً بين البلدان التي يتشكل الليل والنهار فيها كل أربع وعشرين ساعة، وبين البلدان التي يمتد فيها النهار وحده أكثر من أربع وعشرين ساعة والليل وحده أكثر من أربع وعشرين ساعة تزاد كلما اتجهنا نحو الشمال حتى يغدو نهار القطب وحده ستة أشهر وليلة ستة أشهر كاملة. ومن البلدان الواقعة في الدائرة القطبية شمال فنلنده وشمال النرويج وشمال السويد في شبه الجزيرة الاسكندنافية وأصقاع سيبيريا الشمالية في روسيا، ومعظم جزيرة غرينلند والأرخبيل في شمالي كندا وغيرها، فهذه البلدان يزيد النهار فيها عن أربع وعشرين ساعة، والليل كذلك. والسؤال هو: كيف يؤدي المسلمون في تلك البلدان صلاتهم المفروضة، وكيف تُعرف مواقيت الصلاة هناك؟
والجواب على هذا السؤال هو أن الشرع قد عيّن وحدَّد مواقيت الصلاة المفروضة في النهار وفي الليل، وأوجب علينا الالتزام بهذه المواقيت والتقيد التام بها، قال تعالى:{ ... إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} من الآية ١٠٣ من سورة النساء، وقد مرّت الأدلة على هذه المواقيت ووجوب التقيد بها في البحث السابق، ولم يرد في الشرع أي استثناء ولا أي نسخ لهذه المواقيت، فتبقى ثابتة كما هي لا تُقدَّم ولا تُؤخَّر دون أي اعتبار لموقع البلد على خريطة الأرض، تبقى ثابتة كما هي، وتلتزم في البلدان الواقعة في النصف الشمالي والبلدان الواقعة في النصف الجنوبي على السواء.
وهذه المواقيت هي أسباب وجود الصلوات المفروضة، بمعنى أن هذه الصلوات لا تُوجد ولا تؤدى إلاّ إذا دخلت مواقيتها، وأن صلاة أُدِّيت في غير ميقاتها تعتبر باطلة غير مقبولة، وهذا هو ما سار عليه المسلمون وعملوا به لا يخالفهم فيه أحد منهم.