٥- ونأتي الآن لسند هذا الحديث، ونستميح المسلمين عذراً لأننا لم نقبله رغم وروده في صحيح مسلم، فنجد مداره على الراوي الوليد بن مسلم القرشيّ الدمشقي فهذا الراوي قد انفرد برواية هذا الحديث عند مسلم وأبي داود والترمذي وأحمد، ولم أجده مروياً من غير طريق، وما انفرد بروايته راو واحد لا يستطاع الاطمئنان إليه لا سيما إن جاءنا بعقائد أو مرويات تتضمن خوارق ومعجزات.
وأيضاً فإنني لدى مراجعة كتب تراجم الحديث وجدت أن كثيرين من علماء الحديث قد وثّقوه وعدلوه، ونحن نعترف بذلك ونذكره، ولكنني وجدت في المقابل أقوالاً كثيرة مغايرة نُسبت لعلماء أفذاذ وأئمة أعلام في علم الحديث تجعلنا لا نقبل روايته هذه التي انفرد بها، ورواها مسلم وغيره، ونحن نعلم أن الجرح مقدَّم على التعديل، لا سيما بخصوص حديث تضمّن حصول خوارق ومعجزات لم تنسب لنبي ولا رسول!!
وهذه طائفة من أقوال هؤلاء العلماء:
قال أبو داود:(الوليد روى عن مالك عشرة أحاديث ليس لها أصل منها عن نافع أربعة) وقال الذهبي: (إذا قال الوليد عن ابن جريج أو عن الأوزاعي فليس بمعتمد، لأنه يدلّس عن كذابين) . وقال أحمد بن حنبل (كان الوليد رفَّاعاً) أي يذكر الأحاديث دون إسنادٍ كلي أو جزئي. وقال أحمد أيضاً كما روى عنه المروزي (كان الوليد كثير الخطأ) .
وقال مهنا: سألت أحمد عن الوليد فقال (اختلطت عليه أحاديث ما سمع وما لم يسمع، وكانت له منكرات) . وقال الدارقطني (كان الوليد يرسل عن الأوزاعي أحاديث عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي، فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي) وقال علي بن المديني (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن الوليد، ثم سمعت من الوليد، وما رأيت من الشاميين مثله، وقد أغرب بأحاديث صحيحة لم يشركه فيها أحد) . وقال ابن سعد (ثقة بعضهم يستنكر حديثه) . وقال أبو مسهر (كان الوليد يأخذ من ابن أبي السَّفَر حديث الأوزاعي، وكان ابن أبي السفر كذاباً) .