ز - عن عائشة رضي الله عنها قالت «أُصيب سعد يوم الخندق في الأكحل، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - خيمةً في المسجد ليعوده من قريب ... » رواه البخاري.
ولو علِمنا أن المسجد كان مكان سكنٍ لفقراء المسلمين، وهم المُسمَّون بأهل الصُّفَّة، لأدركنا أنَّ كل الأعمال التي يُقام بها في البيوت مما له علاقة بالعيش، جائزٌ فعلُها فيه، ولو تذكَّرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهو رئيس الدولة - كان يتخذ المسجد دار حكم يدير فيه شؤون دولته من عقد الرايات، وبعث السرايا والبعوث، وربط الأسرى واستقبال الوفود، وتوزيع الأموال، وتصفُّح أعمال الولاة والعمال والموظفين، وتعليم المسلمين أحكام دينهم، لأدركنا أنَّ كل أعمال المسلمين من رعايا وحكام جائزٌ فعلُها في المسجد، ويُخْطِئ مَن يَقْصُر المساجد على أداء الصلوات ومتعلقاتها فحسب.
أما ما عليه المساجد وما يفعله المسلمون فيها في أيامنا المعاصرة من تشييدٍ وزخرفةٍ، وتعليقِ آيات القرآن الكريم وكتابتها على الجدران، وتنميقِ المنابر والمحاريب، بحيث تبدو كالقصور الفخمة وقاعات الاستقبال في جمالها وزخارفها، فهو خلاف السنَّة، وربما وصل إلى حد الحرمة، وذلك لأن مثل هذه الأمور تفتن المُصلَّين وتشغلهم وتُلهيهم عن الصلوات وما فيها من خشوع.