أما كراهة الصلاة في معاطن الإبل فلِعلَّة خوف الأذى ولحوق الضرر بالمصلي من شرور الإبل، لأن مَن يصلي بين الإبل تبقى نفسه متوترة خائفة مما يؤثِّر في الخشوع والطمأنينة في الصلاة، فعن ابن مُغَفَّل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «لا تُصلُّوا في عطن الإبل فإنها من الجن خُلقت، ألاَ ترون عيونها وهِبابها إذا نفرت؟ وصلوا في مُراح الغنم فإنها هي أقرب من الرحمة» رواه أحمد والطبراني. قوله هِبابها: أي نشاطها وكثرة حركتها. فالعلة هي الخوف من نفور الإبل وما يستتبع ذلك من إيذاء الناس.
أما كراهة الصلاة في المساجد بين الأعمدة فلِما رُوي عن عبد الحميد بن محمود أنه قال «صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة فدُفعنا إلى السواري، فتقدمنا أو تأخرنا، فقال أنس: كنا نتَّقي هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود. ورواه الترمذي بلفظ «صلينا خلف أمير من الأمراء، فاضطرنا الناسُ، فصلينا بين الساريتين، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتَّقي ... » ولِما رُوي عن معاوية بن قُرَّة عن أبيه أنه قال «كنا نُنهَى عن الصلاة بين السواري، ونُطرد عنها طرداً» رواه ابن خُزَيمة وابن ماجة وابن حِبَّان.
وهذا الحكم خاص بصلاة الجماعة، أما صلاة المنفرد فجائزة بين السواري دون كراهة، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - البيت، وأسامة بن زيد وعثمان ابن طلحة وبلال، فأطال ثم خرج، وكنت أول الناس دخل على أَثَرِهِ، فسألت بلالاً: أين صلى؟ قال: بين العمودين المُقَدَّمَين» رواه البخاري ومسلم وأحمد.