فلما أصبحتُ أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لَرُؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فأَلقِ عليه ما رأيت فَلْيُؤذِّن به فإنه أندى صوتاً منك، قال فقمت مع بلال، فجعلت أُلقيه عليه ويُؤذِّن به، قال فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق لقد رأيتُ مثل الذي أُرِي، قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلله الحمد» . وعنه من طريق ثان بنحوه - وزاد «ثم أمر بالتأذين، فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، قال، فجاءه فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم، قال: فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاةُ خيرٌ من النوم، قال سعيد بن المسيِّب: فأُدخلتْ هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر» رواه أحمد وابن ماجة وابن خُزَيمة وابن حِبَّان. وأخرج الطريق الثانية أحمد والحاكم.
حديث عبد الله بن زيد هذا يذكر كلمات الأذان - وهو ما كان بلال يؤذِّن به - خمس عشرة، ويذكر كلمات الإقامة إحدى عشرة، وهذا هو ما نذهب إليه ونقول به فبلال رضي الله عنه كان مؤذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - طيلة حياته، وإذن فإن أذان بلال هو المعتبر والأخذ به متعيِّن.
إلا أن عدداً من الأئمة والفقهاء لم يأخذوا بهذا الأذان، وإنما أخذوا بأذان أبي محذورة، بدعوى أن أبا محذورة تعلَّم الأذان عند فتح مكة في السنة السابعة للهجرة، في حين أن أذان عبد الله بن زيد قد شُرع عند بدء الهجرة، فيكون أذان أبي محذورة متأخراً على أذان عبد الله بن زيد، فوجب عندهم الأخذ به - أعني أذان أبي محذورة.