ويقوم الناس بتسجيل أذان بعض المؤذنين، خاصةً مؤذني المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة، فمثل هذا التسجيل لا يجوز أن يوضع في إذاعات المساجد وإسماع الناس الأذان المسجَّل عوضاً عن رفعه مِن قِبَل مؤذن المسجد، ذلك أن رفع الأذان فرض كفاية على أهل المصر، فلا بد لهم من تأدية هذا الفرض، أما إدارةُ آلة التسجيل وإسماعُ الناس الأذان المسجَّل فإنه لا يُسقط عن أهالي المدينة أو القرية الفرض عليهم، فالمسجد الذي يُذاع منه الأذان المسجَّل لا يُعتبر أنَّ أحداً من الأهالي قام بأداء الفرض فيه.
والبُلدان إما أن تتعدد فيها المساجد، وإما أن لا يكون فيها سوى مسجد واحد، فإن كان في المدينة أو القرية مسجدٌ واحد فلا بد شرعاً من أن يَرفع الأذانَ فيه شخصُ المؤذن حيَّاً على الهواء مباشرة، ولا يجوز له ولا لغيره أن يسجِّلوا أَذانهم، ثم يقوموا ببثه بواسطة آلة التسجيل وإذاعة المسجد عند دخول كل وقت من أوقات الصلاة، فهذا لا يُسقط الفرض عنهم.
أمَّا في المدينة أو القرية الكبيرة التي تضمُّ عدداً من المساجد، فإن قيام مؤذنِ مسجدٍ منها برفع الأذان يُعتَبَر قياماً بالفرض من أهل مدينته أو قريته، وفي هذه الحالة لو قامت المساجد الأخرى ببث الأذان المسجَّل فلا بأس، ويكون عملها في هذه الحالة مجرد إعلامِ الناس بدخول وقت الصلاة، ولا يُعتبر فعلُها هذا تأديةً لفرض الأذان، فلا ينال فاعلُه ثوابَ التأذين الذي يناله لو قام هو بنفسه برفع الأذان.
ومثل هذه الحالة الثانية أن تُربَطَ مساجدُ المدينة الواحدة بشبكة إذاعةٍ موحَّدة تقوم ببث الأذان من مؤذن إحداها، فيسمع أهل المدينة الواحدة صوت مؤذن واحد في مسجد واحد فحسب من سمَّاعات المساجد كلها، فهذه الحالة جائزة شرطَ أن يَرفع الأذان مؤذنٌ بشخصه وليس من شريط مسجَّل، أما إن حصلت هذه الحالة بواسطة شريط مسجَّل فإنها لا تفي بالغرض، ويأثم أهل المدينة جميعُهم.