للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقامة حكمها حكم الأذان فرضٌ على الكفاية على أهل الأمصار، ومندوبة لمن هم خارج حدود الأمصار من مسافرين ومزارعين ورعاة ومتنزهين، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا في بدوٍ لا تُقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة» رواه الحاكم وأبو داود والنَّسائي والبيهقي. ورواه أحمد بلفظ «ما من ثلاثة في قرية فلا يُؤذَّنُ ولا تُقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ... » وفي رواية ثالثة لأحمد «ما من خمسة أبيات لا يُؤذَّن فيهم بالصلاة وتقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، وإن الذئب يأخذ الشَّاذَّة، فعليك بالمدائن ... » فقد وردت الألفاظ التالية (في قرية ولا في بدو) (في قرية) (خمسة أبيات) وهذه الألفاظ كلها تدل على السكن في البلدان والسكن في البوادي، وهذا قيدٌ ينبغي المصير إليه. ثم إنه قد جاء في نصين من الثلاثة اشتراكُ الأذان والإقامة بالأمر، فوجب إعطاؤُهما حكماً واحداً لعدم وجود قرينة أو دليل بالتفريق بينهما في الحكم.

ويُسن الفصل بين الأذان والإقامة بجلسة، وعدم الموالاة بينهما، فمن أراد أن يُقيم سُنَّ له أن يمكث قليلاً بعد الفراغ من التأذين، فعن ابن أبي ليلى - من حديث طويل - قال «وحدثنا أصحابنا ... فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله إني لمَّا رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلاً كأنَّ عليه ثوبين أخضرين فقام على المسجد فأذَّن، ثم قعد قعدة، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول قد قامت الصلاة ... ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد أراك الله عزَّ وجلَّ خيراً ... » رواه أبو داود. فقد جاء فيه (ثم قعد قعدةً) بين الأذان والإقامة.

وتُؤدَّى الإقامة بسرعة دون مدٍّ ولا ترتيل لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الوارد في بحث [أحوال المؤذن] وجاء فيه «ونحذف الإقامة» أي نسرع بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>