واستقبال القبلة واجب لا شك فيه لا يجوز تركه وإهماله، ولكن لا يوجد في النصوص أي دليل على الشرطية لاستقبال القِبْلة، بمعنى أن استقبال القبلة ليس شرطاً لصحة الصلاة وقبولها، وإنما هو واجب فقط، فمن صلى إلى غير القِبْلة عمداً دون عذر أثم ولكن صلاته مقبولة. ذلك أن كل ما ورد بخصوص الاستقبال لا يتعدى الأمر والطلب الجازم، ومجرد الأمر الجازم لا يفيد الشرطية، فما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «استقبل القِبْلة وكبِّر» رواه البخاري. هو مجرد أمر، وقوله تعالى {فوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المسْجِدِ الحَرَامِ وحيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوْهَكُمْ شَطْرَهُ} هو مجرد أمر، وما رواه ابن عمر رضي الله عنهما «بينما الناس في الصبح بقُباء، جاءهم رجل فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وأُمر أن يَستقبل القِبْلة، ألاَ فاستقبلوها، وكان وجهُ الناس إلى الشام فاستداروا بوجوههم إلى الكعبة ... » رواه البخاري ومسلم وأحمد ومالك والنَّسائي. هو أيضاً مجرد أمر، ولا يصلح أن يكون شرطاً.
واستقبال القبلة واجب إلا في الحالات التالية:
أ- حالة العجز وعدم القدرة على الاستقبال، مثل أن يمنعه مرض من التحرك فيُصلِّي على حاله، ومثل أن يُجرح في معركةٍ فتثبته جراحُه في وضع لا يكون فيه متجهاً نحو الكعبة، ومثل أن يقيِّده آخرون لأي سبب من الأسباب إلى شجرة أو عمود في غير اتجاه القِبلة، ففي هذه الحالات يصلي دون استقبالٍ للقِبلة، فالله سبحانه يقول {لا يُكَلِّفُ الله نَفْسَاً إلا وُسْعَها ... } الآية ٢٨٦ من سورة البقرة. والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول:« ... فإذا أمرتكم بشئ فأْتوا منه ما استطعتم ... » رواه مسلم من طريق أبي هريرة رضي الله عنه.