للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا صلى جماعةٌ صلاة جماعة واتخذ الإمام سُترة له كانت سُترةً لجميع المؤتمين به لا يلزمهم سواها، فإن حافظ الإمام على موضع صلاته فلم يسمح لإنسان ولا لحيوان أن يمر بينه وبين سُترته فقد كفى الجماعة الفعل، وليس عليهم أن يفعلوا شيئاً بعدئذٍ، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال «هبطنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثَنِيَّةِ أَذاخِر، فحضرت الصلاة - يعني فصلى إلى جدار - فاتخذه قِبلة ونحن خلفه، فجاءت بهيمة تمرُّ بين يديه، فما زال يُدارِئُها حتى لصق بطنه بالجدار ومرَّت مِن ورائه، أو كما قال مسدِّد» رواه أبو داود. وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي، فمرت شاة بين يديه، فساعاها إلى القِبلة حتى ألزق بطنه بالقِبلة» رواه ابن خُزَيمة وابن حِبَّان والحاكم بسند صحيح. وثنيَّة أذاخِر: موضع بين مكة والمدينة. وقوله يُدارئُها: أي يدافعها ويحول بينها وبين المرور. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال «جئت أنا والفضل ونحن على أتَانٍ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بعرفة، فمررنا على بعض الصف، فنزلنا عنها وتركناها ترتع ودخلنا في الصف، فلم يقُل لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً» رواه أحمد والبخاري. والأتان: هي أُنثى الحمير.

دلَّ الحديث الأول والحديث الثاني على أن دفع الإمام للمارِّ بين يديه واجب عليه عند اتخاذ السُّترة، ودل الحديث الثالث على أنه لا يضير المأمومين مرورُ الإنسان أو الحيوان بين أيديهم، وأنَّ دفع المارَّةِ من أمامهم ليس واجباً عليهم، ففي هذا الحديث «فمررنا على بعض الصف» ما يدل على ما ذهبنا إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>