فالصف الأول له الفضل الأكبر، يؤكد ذلك ما رواه العِرباض بن سارية رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستغفر للصف المقدَّم ثلاثاً وللثاني مرَّة» رواه أحمد وابن ماجة والنَّسائي وابن حِبَّان والدارمي. وما رُوي عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن الله وملائكته يصلُّون على الصف الأول، قالوا: يا رسول الله وعلى الثاني، قال: إن الله وملائكته يصلُّون على الصف الأول، قالوا: يا رسول الله وعلى الثاني، قال: وعلى الثاني ... » رواه أحمد. فالصف الأول يذهب بالفضل الأكبر يليه الثاني، ولم أجد للصفوف الأخرى فضلاً منصوصاً عليه سوى ما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني في كتابه المعجم الأوسط من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال «استغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصف الأول ثلاث مرات، وللصف الثاني مرتين، وللثالث مرة» فذكر الصف الثالث وجعل له فضل استغفار الرسول - صلى الله عليه وسلم - له مرة واحدة، إلا أن هذا الحديث ضعيف جداً، ففي سنده المقدام بن داود وأيوب ابن عقبة ضعيفان، ويحيى بن أبي كثير متهم بالكذب، فلا يصلح هذا الحديث للاحتجاج مطلقاً.
وأعود وأُكرر ثانية ليحرصْ مَن أراد مزيد فضل وثواب على التقدم إلى الصف الأول، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحرص على أن يُشغل أصحابُه الصفَّ الأول، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال «رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه تأخُّراً فقال: تقدموا فأْتَمُّوا بي ولْيأْتمَّ بكم مَن بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخِّرهم الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة» رواه أحمد.