للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حديث أم سلمة عند ابن خُزَيمة فإنه يدل على أن البسملة آية من الفاتحة، فإذا قرأ المصلي الفاتحة قرأ البسملة دون أن يتطرق الحديث هذا إلى مسألة الجهر أو الإسرار عند القراءة فلا دلالة فيه على مسألتنا، وأما حديث ابن عباس عند أبي داود فيصلح للاستدلال به على المسألة الأولى دون مسألتنا، وأما حديث عليٍّ عند الدارقطني فقد رواه الدارقطني من عدة طرق بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة. فمثلاً في سند إحداها عيسى بن عبد الله قال عنه الدارقطني (متروك الحديث) وقال ابن حِبَّان (يروي عن آبائه أشياءَ موضوعة) وفي سند طريق ثانية أحمد المقري قال عنه الدارقطني (ليس بثقة) ، وفي سند طريق ثالثة لعلي وعمَّار معاً عمرو بن شمر وجابر الجُعفي ضعيفان، قال الحاكم (عمرو بن شمر كثير الموضوعات عن جابر وغيره ... ) وقال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب من جابر الجُعفي. وأما حديث ابن عمر عند الطبراني ففيه عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري قال الهيثمي عنه (ضعيف جداً) وأما أحاديث الدارقطني التي زادت على العشرين فليس منها حديث واحد صحيح، وما حديثُ عليٍّ بطرقه المختلفة إلا نموذجٌ لها فلا تقوى مجتمعة على معارضة أحاديث الإسرار الصحيحة والحسنة، فجميع هذه الأحاديث التي تناولتها بالتعليق إما ضعيفة وضعيفة جداً، وهي الأكثرية، وإِما أنها جاءت في غير مسألتنا [الجهر بالبسملة في الصلاة] فهي قد جاءت في المسألة الأولى أو في المسألة الثانية، فلا تصلح مطلقاً لمعارضة أحاديث الإسرار بالبسملة في الصلاة.

وهكذا لم يبق من أحاديثهم ما يصلح للاستدلال به على مسألتنا إضافةً إلى صلاحه للاحتجاج سوى حديث نعيم المُجْمِر عند النَّسائي والحاكم والبيهقي، فهذا الحديث قال عنه ابن حجر (هو أصح حديث ورد في ذلك يعني في الجهر بالبسملة) وهو يتناول مسألتنا بشكل واضح، فلْنقف معاً عند هذا الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>