ولما كان مدار الطهارة عليه فقد جعله الله سبحانه وتعالى كلَّه طَهوراً، فماء المطر طَهور لقوله تعالى {ويُنزِّل عليكم من السَّماءِ ماءً ليُطهِّرَكم به} الآية ١١ من سورة الأنفال. ولقوله سبحانه {وأنزلنا من السَّماءِ ماءً طَهوراً} الآية ٤٨ من سورة الفرقان.
وماء البحر طَهور لما رُوي عن أبي هريرة أنه قال «سأل رجلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو الطَّهور ماؤُه الحِلُّ ميتتُه» رواه أحمد ومالك وأبو داود والنَّسائي والترمذي. وصححه البخاري والترمذي وغيرهما.
وماء الآبار والينابيع طَهور لما رُوي عن أبي سعيد أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أنتوضأ من بئر بُضاعة - وهي بئر يُطرح فيها الحِيَض ولحم الكلاب والنتن - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الماء طَهور لا ينجِّسه شيء» رواه أبو داود والترمذي وحسَّنه. وصحَّحه أحمد ويحيى بن معين.
والطَّهور هو الطاهر في نفسه المطهِّر لغيره، فقول الرسول عليه الصلاة والسلام «الماء طَهور لا ينجِّسه شيء» عام في كل ماء، سواء نزل نقياً من السماء أو خالطته ملوحة في البحار، أو علِقت به طحالبُ وأتربةٌ في مجاري الينابيع والأنهار، ما دام يحمل اسم الماء، ولذا فإن الأصل في الماء كلِّ الماء الطُّهوريةُ وعدمُ إخراج أي ماء من الطُّهورية. فهذا هو حكم الماء، وذلك لأنه لم يرد في النصوص أي وصف آخر له من حيث الطُّهورية.