في الحديث الأول «صليت الظهر بالبطحاء خلف شيخ أحمق فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرة» ، «فقال ابن عباس تلك صلاة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -» ، فالصلاة الرباعية فيها اثنتان وعشرون تكبيرة. وفي الحديث «يكبِّر في كل خفضٍ ورفعٍ وقيامٍ وقعودٍ ويسلِّم عن يمينه وعن يساره» فاستثنى حركة التسليم من التكبير. وفي الحديث الثالث «يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صُلْبه من الركعة» . فاستثنى حركة الاعتدال من الركوع من التكبير. وفي الحديث الرابع «يكبِّر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها» . وهذا دليل على أن التكبير يُشرع في جميع الصلوات المفروضة والنافلة. وفي الحديث الرابع «إنْ كانت هذه لَصلاتُه حتى فارق الدنيا» . دليل على ثبوت حكم التكبيرات كلها، وأنه لم يُنسخ منها شئ. وفي الحديث الرابع «ثم يقول: الله أكبر، حين يهوي ساجداً» . دليل على أن التكبير الوارد في الحديث هو بصيغة [الله أكبر] لا غير. قال الترمذي (والعمل عليه عند أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومَن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء) وهو يقصد التكبير في الصلاة.
إلا أن هذا التكبير سُنَّة وليس واجباً ولا فرضاً، فقد رُوي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد ترك جانباً من التكبير مرة، مما يدل على عدم وجوب التكبير، فقد روى عبد الله بن عبد الرحمن ابن أَبْزَى يحدِّث عن أبيه «أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان لا يُتِمُّ التكبير، يعني إذا خفض وإذا رفع» رواه أحمد. وروى مثله أبو داود وعقب عليه بقوله (معناه إذا رفع رأسه من الركوع وأراد أن يسجد لم يكبِّر، وإذا قام من السجود لم يكبِّر) وروى أحمد من طريق عمران بن حصين رضي الله عنه ـ وقد سُئل مَنْ أولُ من ترك التكبير ـ فقال «عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كبر وضعف صوته تركه» . فلولا أنه غير واجب لما تركه عثمان رضي الله عنه وسكت عنه الصحابة.