وقبل الإجابة نُذَكِّر بأن قسماً من قولهم هذا قد سبق ذِكْره في بحث [الماء المستعمَل] ، وكشفنا هناك عن خطأ ما ذهبوا إليه، فلا نعيده بتفصيله، وإنما نكتفي بالإشارة إلى أن الحديث يقول «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقيه - أي حذيفة راوي الحديث - وهو جُنُب فحاد عنه فاغتسل، ثم جاء فقال: كنت جُنُباً، قال: إن المسلم لا ينجُس» وأن الحديث يقول: عن عائشة قالت «كنت أشرب وأنا حائض، ثم أُناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب، وأتعرَّق العَرْقَ وأنا حائض، ثم أناوله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيضع فاه على موضع فيَّ» رواهما مسلم وغيره. وقد مرَّا. وهذان دليلان صالحان على طهارة الجُنُب والحائض.
بقيت نجاسة الكافر، هل الآية الكريمة تفيد النجاسة الحسية أم النجاسة المعنوية؟ إنه لم يَرِدْ في كتاب الله العزيز لفظة (نجس) إلا مرة واحدة فحسب، هي الواردة في قوله سبحانه وتعالى {إنَّمَا المُشْرِكُوْنَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا المسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عامِهِمْ هَذَا} الآية ٢٨ من سورة التوبة وهذه اللفظة الوحيدة في الكتاب العزيز لم تجيء على ظاهر معناها، وإنما جاءت بمعنى النجاسة المعنوية، ومعناها هو نجاسة الاعتقاد وسوء الباطن والسريرة. والأدلة على أن نجاسة الكافر نجاسة معنوية ما يلي:
أ - روى البخاري وأحمد والنَّسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثُمامة بن أُثال، فربطوه بسارية من سَواري المسجد ... » .
ب - زواج المسلم من النصرانية واليهودية وما يستتبعه ذلك من المضاجعة وانتقال عرقها إليه، وغمس يديها في طعامه وشرابه، وقيامها بسائر الأعمال البيتية ببدنها، وإنجابها منه أولادَه المسلمين الطاهرين.
ج - قوله تعالى {وَطَعَامُ الذِيْنَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} الآية ٥ من سورة المائدة.