وأما الثانية فهي أن النَّسائي وأبا داود رويا من طريق أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يعمدُ أحدُكم في صلاته فيبرك كما يبرك الجمل» . فلم يأت على ذكر اليدين والركبتين، فأتساءل: هل هذا الحديث هو غير الحديث السابق أم هما حديث واحد؟ ولماذا لم تُذكر اليدان والركبتان في هذه الرواية؟ إن الثابت من هذه الأحاديث الثلاثة هو الأمر بمخالَفةِ الجمل في بروكه، وأما ترتيب اليدين والركبتين فاختلفت الأحاديث بشأنه، فيُعمل بالثابت، وهو الأمر بمخالَفةِ الجمل في بروكه، وحيث أن الجمل يبرك بادئاً بيديه فإن المسلم مأمور بالبدء بالركبتين لتتم المخالَفةُ، وهذا موافق لحديث وائل ابن حجر المار، فيُعمل به ويُترك ما يخالفه. قال ابن قيّم الجوزيّة في كتابه ـ زاد المعاد -: إن حديث أبي هريرة مما انقلب على بعض الرواةِ متْنُهُ، وأصله: ولْيَضَعْ رُكْبَتيْهِ قبل يديْهِ. وهو قول وجيهٌ وصائب.
ونأتي إلى الذكر والدعاء في السجود فنقول إنه قد وردت له عدة صيغ أشهرها وأَوْلاها [سبحان ربي الأعلى] ثلاثاً، فيُسن الأخذُ بها وتقديمها على الصيغ الأخرى، ولا مانع من قول هذه الصيغ الأخرى عقب قول [سبحان ربي الأعلى] ثلاثاً، إذ الجمع بين صيغتين أو أكثر هنا جائز، وقد ذكرنا في بحث [الركوع وهيئته والذِّكر فيه] ثلاثة أحاديث في قول [سبحان ربي الأعلى] في السجود فلا نعيد. وهذه الصيغة ورد الأمر بها ولم يَرِد الأمرُ بقول غيرها، وغيرُها إنما وردت من أفعاله عليه الصلاة والسلام فقط، وأوامره - صلى الله عليه وسلم - مقدَّمةٌ على أفعاله.
ونذكر الآن جملة من الصيغ الواردة:
أ-[سبُّوحٌ قُدُّوسٌ ربُّ الملائكة والروح] .
ب-[سبحان ذي الجَبَروتِ والمَلَكُوتِ والكِبرياءِ والعَظَمة] .
ج-[اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك] .