أما ما درج عليه كثيرون من قول (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ... وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ... ) بزيادة (سيدنا) ، فإن هذا لا أصلَ له مُعْتَبراً، إذ هو لم يُنقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أية رواية صحيحة أو حسنة، لهذا فإني أنصح بتركها والاقتصار على المأثور لأنه أفضل، فإن أبوا إلا الاستمرار على قولها فلا بأس، لأن الأمر موسَّع كما أسلفت. وقد أضاف هذه الزيادة عدد من الفقهاء بدعوى أن ذلك من حُسن التأدُّب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد جانبهم الصواب فيما قالوا، ذلك أن التأدب معه يكون بطاعته فيما شرعه لنا والاقتصار عليه.
قلت في بدء البحث إن الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مندوبة، ولم أَقُلْ بوجوبها كما قال عدد من الفقهاء، ذلك أن ورود الأمر بها فحسب لا يكفي لإيجابها، لأن الأمر بالشئ لا يفيد الوجوب إلا بقرينة كما قال بذلك عدد من الأصوليين، وهو الصحيح، فالأمر يفيد مجرد الطلب، والقرينة هي التي تجعله يفيد الوجوب أو الندب أو الإباحة، وهنا لا توجد قرينة تصرف هذا الأمر إلى الوجوب، وإنما القرينة الموجودة تصرفه إلى الندب، وإليكم البيان:
أ- حديث الدارمي من طريق علقمة أن عبد الله رضي الله عنه أخذ بيده «وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد عبد الله، فعلَّمه التشهد في الصلاة: التحياتُ لله ... الصالحين، قال زهير: أراه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أيضاً - شك في هاتين الكلمتين - إذا فعلت هذا أو قضيتَ فقد قضيتَ صلاتك إن شئتَ أن تقوم فقم، وإن شئتَ أن تقعد فاقعد» . وقد مرَّ في بحث [التَّشهُّد وهيئة الجلوس له] فلو كانت الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفروضة واجبة لما جاز هذا القول «إذا فعلت هذا أو قضيت فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم» عقب التشهد. والحديث واضح الدلالة تماماً.