للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقنوت مدار البحث إذن هو الامتناع عن الكلام مع الناس وعدم مخاطبة الآدميين، والاقتصار في الصلاة على مخاطبة الله سبحانه دون سواه، لتبقى الصلاة كلُّها لله، ولتبقى الطاعة كلها له، ولتبقى العبادة كلها خالصة لله رب العالمين. فأيُّ كلام مع غير الله هو قطعٌ لطاعة الله، وهو وقفٌ للقنوت، وبالتالي هو إنقاص للصلاة، فعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «إن الرجل لينصرف وما كُتِب له إلا عُشْرُ صلاته تُسُعُها ثُمُنُها سُبُعُها سُدُسُها خُمُسُها رُبُعُها ثُلُثُها نِصْفُها» رواه أبو داود. ورواه ابن حِبَّان ولفظه «إن الرجل ليصلي الصلاة ولعله لا يكون له منها إلا عُشْرُها أو تُسُعُها أو ثُمُنُها أو سُبُعها أو سُدُسُها حتى أتى على العدد» .

فإذا صلى المسلم فأدى واجبات الصلاة كلَّها ولم يرتكب حراماً حصَّل صلاة تامة، وإن انتقص من واجباتها شيئاً أو ارتكب حراماً حصَّل صلاة ناقصة بقدر ما انتقص من واجباتها أو فعل فيها من حرام، حتى يصلي فلا يحصِّل إلا عُشْر صلاةٍ أو ربعَ صلاة أو نصفَ صلاة، فمن تكلم مع غيره وهو في الصلاة فقد قطع بكلامه طاعته لله فانتقص بذلك من صلاته بقدر ما تكلم، وما ينبغي له أن يفعل ذلك، لأنه مأمور بدوام الطاعة مشغولٌ بها عما سواها من الأقوال، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال «كنا نسلِّم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلَّمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا: يا رسول الله كنا نسلِّم عليك في الصلاة فترد علينا، فقال: إن في الصلاة لشُغلاً» رواه مسلم وأبو داود وابن أبي شيبة وأحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>