للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الأول يدل على وجوب الخشوع، فقد مرَّ معنا في بحث [النظر في الصلاة] حُرمةُ النظر إلى السماء بما يغني عن إعادته هنا، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى السماء في صلاته فنزل قوله تعالى {الذِيْنَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خَاشِعُوْنَ} الآية ٢ من سورة المؤمنون. ففهم عليه الصلاة والسلام من هذه الآية أن الخشوع يقتضي عدم رفع النظر فطأطأ رأسه، وهذا كله يدل على أن الخشوع يتعارض مع رفع البصر، وأن رفع البصر يتعارض مع الخشوع، وما دام أن رفع البصر حرام، فالخشوع بخفض البصر إذن واجب.

والدليل الثاني يدل هو الآخر على وجوب الخشوع، فالله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين إن هم فعلوا كذا وكذا وكذا، وفعلوا الخشوع وصفهم بالفلاح، وبشَّرهم بوراثة الفردوس، وهذا يعني أن من أراد الفوز بالفلاح ودخول أعلى درجات الجنة فلْيخشع في صلاته، ولْيُعْرِض عن اللغو ولْيُزَكِّ، ولْيَحْفظ فرجه، ولْيُراعِ الأمانة والعهد، ولْيُحافظ على الصلاة، فإن ترك فعلاً من هذه الأفعال لم يستحق الفلاح ودخول الفردوس، بمعنى أن من لا يخشع لا يضمن الفلاح ودخول الفردوس، فهل يستطيع بعد ذلك أن يدَّعيَ مُدَّعٍ أن الخشوع غير واجب؟ إن الفلاح ودخول الفردوس هما الفوز الأكبر، وإن الفوز الأكبر بحاجة إلى الثمن الأكبر والثمن الأكبر لا يكون من صنف المندوبات، وإنما هو من الواجبات، ولهذا نجد أن جميع المذكورات في هؤلاء الآيات المباركات هي من الواجبات، فالخشوع واجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>