وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل المسجد لصلاة الجمعة ثم يعتلي المنبر، فيقف المؤذن فوراً ويرفع الأذان في المسجد، وكان ذلك عند بدء وقت الصلاة، فوقت صلاة الجمعة يكون عند رفع الأذان والإمام جالسٌ على المنبر، وليس عند رفع الأذان الأول، ولهذا نجد في بعض مناطق المسلمين اليوم من يرفع الأذان الأول قبل زوال الشمس بساعة زمنية فلكية ولم يكن وقت الجمعة قد دخل، ولا يُعتبر الوقت قد دخل إلا عند رفع الأذان الثاني، ولهذا فإنا نقول إن وجوب السعي لصلاة الجمعة يكون عند رفع الأذان الثاني وليس عند الأذان الأول، وهذا الأذان الثاني هو المقصود من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوْا إذَا نُوْدِيَ للصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله وَذَرُوْا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تعْلَمُوْنَ} الآية ٩ من سورة الجمعة. فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال «إن التأذين الثاني يوم الجمعة أمر به عثمان حين كثر أهل المسجد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام» رواه البخاري. قوله التأذين الثاني هنا: هو الأذان الأول. وجاء ذكره في بعض الروايات بأنه الأذان الثالث، والمقصود به الثالث بعد الأذان الأول ونداء الإقامة، فعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال «إن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر أهل المدينة، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - غير واحد، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام، يعني على المنبر» رواه البخاري. ورواه أحمد ولفظه «كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما أذانين، حتى كان زمن عثمان فكثر الناس، فأمر بالأذان الأول بالزَّوْراء» . والخلط في وصف أذان عثمان آت من جهة الاعتبار، فإن اعتُبرت الإقامة أذاناً قيل زاد عثمان الأذان الثالث، وإن لم تعتبر الإقامة أذاناً قيل زاد عثمان