للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسنُّ التبكير في الذهاب للمسجد لصلاة الجمعة، وأنَّ مَن أتى إليه في الساعة الأولى فكأنما تصدَّق بجمل، ومَن أتى إليه في الساعة الثانية فكأنما تصدق ببقرة، ومَن أتى إليه في الساعة الثالثة فكأنما تصدق بكبش، ومَن أتى إليه في الساعة الرابعة فكأنما تصدَّق بدجاجة، ومَن أتى إليه في الساعة الخامسة فكأنما تصدق ببيضة. وحيث أن الذي يأتي بعد حلول وقت الصلاة عند اعتلاء الإمام المنبر لا يكون مبكِّراً بحال، فإن الواجب القول إن التبكير يكون قبل حلول الوقت، أي قبل الزوال. فالحديث يندب المسلمين للتبكير إلى صلاة الجمعة قبل الزوال، وجعل الوقت مقسَّماً إلى خمسة أقسام أو ساعات، وجاء في بعض الروايات ذِكر ست ساعات، وهذه الساعات ليست هي الساعات التي نستعملها في أيامنا الراهنة، إذ لا يُتصوَّر أن تكون هذه الساعات هي الساعات الفلكية التي نعرفها اليوم، وإلا لوجب القول إن المبكِّر الأول يحضر في وقت شروق الشمس تقريباً، ولم يُرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من صحابته أنهم كانوا يحضرون لصلاة الجمعة عند شروق الشمس، فلم يبق إلا اعتبار هذه الساعات مجرَّد تقسيمات زمنية يُقدِّرُها عُرف الناس بالتبكير، ويقدرها قدوم الناس فعلاً لصلاة الجمعة، فنقول إن الفوج الأول من القادمين كأنما تصدَّقوا بجمل، والفوج الذين يلونهم كأنما تصدقوا ببقرة، وهكذا، ويبدأ العدُّ عند قدوم أول فوج من المصلين، وهذا القدوم يتقدم مرة ويتأخر مرة، فالعبرة بوقوع القدوم وليس بالتعيين الزمني المسبَق. وإني أرى أن لا يُعتدَّ بالقدوم إن كان حصل قبل ارتفاع الشمس عند الضحى، لأن ما قبل ذلك ليس وقت صلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>