والصحيح هو أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جمع في المدينة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء جمعاً صُورِيَّاً، بمعنى أنه أخَّر صلاة الظهر إلى آخِر وقتها فصلاها، وعجَّل صلاة العصر إلى أول وقتها فصلاها، فظهرت الصلاتان وكأنهما جُمِعتا معاً، ومثل ذلك فعل بصلاتي المغرب والعشاء، والجمع الصُّورِي جائز إطلاقاً دون أعذار طبعاً. ولما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي الصلوات في أوائل أوقاتها، ثم رأَوه يصلي على خلاف عادته سبعاً وثمانياً، وصَفُوا فعله بأنه جمع، وهو جمع فعلاً، ولكنهم ظنوا أنه أخرج صلاة الظهر من وقتها وأدخلها في وقت صلاة العصر، وفعل مثل ذلك بخصوص صلاة المغرب، لأن الجمع هو إخراج إحدى الصلاتين من وقتها وإدخالها في وقت الأخرى، ولم يلتفتوا إلى الجمع الصُورِي، وهو إبقاء كل صلاة في وقتها ولكن بتقريب إحداهما من الأخرى، بأن تُؤدَّى أُولاهما في آخِر وقتها والأخرى في أول وقتها، فيحصل الجمع وهو هنا الجمع الصُّوري، أي أنه يأخذ صورة الجمع. هذا ما ينبغي الذهاب إليه وإلا بطلت المواقيت، أو صارت مندوبة فحسب، وهذا كما قلنا مخالف للحق ومجانب للصواب.