للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفريق ارتضَوا أقواله في التفسير، قال ابن عديٍّ: وقد حدَّث عن الكلبيِّ سفيانُ وشعبةُ وجماعةٌ، ورضُوه في التفسير (١).

وإنما أطلت في بيان حاله لكثرة ما أورد المؤلف من أقواله، وتمهيدًا لملاحظةٍ هامةٍ في نقل العلماء عن الكلبي يجب التنبيه عليها، وقد لاحظتها من خلال عملي الطويل في التفسير، واطِّلاعي على كثيرٍ من أمَّهات التفاسير، وقد وقع منها في هذا التفسير الكثير:

وهذه الملاحظة: هي أنه كثيرًا ما يقع الخلطُ وعدمُ التمييزِ بين ما يُروى عن الكلبيِّ، وما يُروى عن ابن عباس من طريقِه، وهي طريقُ الكلبيِّ عن أبي صالحٍ عن ابنِ عباس، فتجدُ مثلًا خبرًا يذكره بعضُ العلماء عن الكلبيِّ، بينما يذكرُه آخرون عن ابن عباس، وهؤلاء منهم مَن ينسبُه لابن عباسٍ دون بيانِ الراوي، ومنهم مَن يشيرُ إلى أنه من طريقِ أبي صالحٍ عن ابن عباسٍ، ومنهم مَن يذكره من طريقِ الكلبيِّ عن أبي صالحٍ عن ابن عباسٍ، لا أعني أن هذا كلَّه يحصل في خبرٍ واحد، لكن أكثرُ الأخبار يجري فيها شيءٌ من هذا، وإنما يُعرفُ حال ما ذكَرْنا بالتَّنقيب في كتبِ التفسير، وحصرِ ما وردَ فيها في ذلك الخبر.

ومن الفوائدِ التي تتحصَّلُ من هذا الأمر: معرفةُ حال المرويِّ عن ابن عباس، وأنه من طريقِ الكلبي، فالاحتجاجُ به على ما قدَّمنا، كما يستفاد منه في الترجيحِ إذا وردت عن الحبر روايةٌ أخرى أو أكثرُ مخالفةٌ لتلك الروايةِ، وكانت من طريقٍ أصلحَ منها.

ثم إن مَن ينسبُه لابن عباس دون بيانٍ لعلَّه إنما يَفعلُ ذلك لتقويةِ حاله؛ لمعرفته


(١) انظر: "ميزان الاعتدال" (٤/ ١٢٥) بتصرف وتقديم وتأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>