للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى: يكون يضربُ، فلما كانت أمَّ الأفعالِ وكثُر استعمالُها للحاجةِ إليها احتَمَلتْ هذا الحذفَ، ولم يَحتمِلْه نظائرُها مِن: لم يَصُن ولم يَخُن.

- وفي قوله تعالى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: ٤٨] قال: يُقرأ بالياء والتاء (١)، فمَن أنَّث فلأنَّ الشفاعةَ مؤنَّثةٌ لفظًا، وأمَّا التذكيرُ فلأنَّ تأنيثَ ما ليس بذي روحٍ غيرُ حقيقيٍّ، ولأنَّ الفعلَ مقدَّمٌ على الاسم، ولأنَّ بينهما حائلًا.

وفي القرآن: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: ٦٧]، وفي آيةٍ أخرى: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: ٩٤]، {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ} [الممتحنة: ٤] {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] وقال تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَة} [الأنعام: ١٥٧] وقال: {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ} [الأعراف: ٨٧].

والحاصل: أنَّ ما كان تأنيثه ليس بحقيقيٍّ فتأنيثُه وتذكيره جائزٌ إنْ تقدَّم أو تأخَّر، وكان بينهما حائلٌ أو لم يكن، وفي الحقيقيِّ يجوز تأنيثُها بكلِّ حالٍ، وتذكيرُها إذا تقدَّم الفعلُ وبينهما حائلٌ، ولا يَحْسُنُ بغير حائلٍ.

- ومن أجمل فوائده: ما ذكره عند قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا} [الحجر: ٣] قال: جُزِمَ {يَأْكُلُوا} لأنَّه جوابُ الأمرِ، وكذا ما بعدَه، وفي قولِه: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُون} [الأنعام: ٩١] لم يُجزَمْ لأنَّه حالٌ لا خبرُ، وتقول العربُ: دَعْ زيدًا يَنَمْ، ودَعْ زيدًا ينامُ، فإذا كانَ غيرَ نائمٍ نقولُ: دَعْ زيدًا يَنَامْ جوابًا للأمر، وإذا كان نائمًا تقولُ: دَعْ زيدًا ينامُ، أي: قَرِّرْهُ على حالةِ النَّوم.

- وفي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ


(١) قرأ بالياء ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ باقي السبعة بالتاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>