وقد تجيءُ للحال، كما في قوله تعالى:{كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}[مريم: ٢٩].
وقد تجيءُ جامعًا لذلك كلِّه، كما في قوله تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب: ٤٣] أي: لم يَزَلْ رحيمًا بهم في الأزلِ وفي الحالِ وفي الأبد.
وقد تَجيءُ بمعنى: صار، كما في قوله:{فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}[هود: ٤٣].
وقد تجيء بمعنى: وقع، كما في قوله:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠].
- ومن ذلك ذكر معاني (أو) في القرآن، فقال في قوله تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ}[البقرة: ١٩]: (أو) جاءت في القرآن لثلاثةَ عشَر معنًى:
أحدها: للشكِّ، قال تعالى:{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}[الكهف: ١٩].
وللتشكيك: قال تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ}[آل عمران: ١٤٤] وهذا غيرُ الأول، هذا إخفاء الحال على السامع من غير شكٍّ من القائل.
وللتخيير: قال تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} إلى قوله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المائدة: ٨٩].
وللإباحة: قال اللَّه تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}[الإسراء: ١١٠] وهذا غير التخيير، ذاك بيانٌ أن الواجب أحدُها لا الكلُّ وله الخيارُ، وفي الإباحةِ له أن يفعلَهما وله أن يفعل أحدهما.
قلت: وهذا من أحسن ما رأيتُ في التفريق بين الشكِّ والتشكيك، والإباحةِ والتخيير.
ثم قال: وللتفصيل: قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [المائدة: ٣٣]، كلُّ عقوبةٍ منها لجنايةٍ غيرِ الأخرى.